سورة الممتحنة - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الممتحنة)


        


قوله تعالى: {يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرد التوجه إلى مكة أظهر أنه يريد خيبر، وكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إليهم وأرسل مع امرأة ذكر أنها سارة مولاة لبني عبد المطلب، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فأنفذ علياً وأبا مرثد، وقيل عمر بن الخطاب، وقيل الزبير رضي الله عنهم، وقال لهما، اذهبا إلى روضة خاخ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب فخذاه وعودا، فأتيا الموضع فوجداها والكتاب معها، فأخذاه وعادا، فإذا هو كتاب حاطب فقال عمر: ائذن لي يا رسول الله أضرب عنقه فقد خان الله ورسوله فقال صلى الله عليه وسلم قد شهد بدراً، فقالوا: بلى ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم إني بما تعملون خبير. ففاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب ما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله كنت امرأ مصلقاً من قريش وكان لي بها مال فكتبت إليهم بذلك، والله يا رسول الله إني لمؤمن بالله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق حاطب فلا تقولوا له إلآ خيراً. فنزلت هذه الآية والتي بعدها.
وفي قوله تعالى: {تسرون إليهم بالمودة} وجهان:
أحدهما: تعلمونهم سراً أن بينكم وبينهم مودة.
الثاني: تعلمونهم سراً بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم بمودة بينكم وبينهم.


{قد كانت لكم أسوة حسنة} ذكر الكلبي والفراء أنه أراد حاطب بن أبي بلتعة، وفيها وجهان:
أحدهما: سنة حسنة، قاله الكلبي.
الثاني: عبرة حسنة، قاله ابن قتيبة.
{في إبراهيم والذين معه} من المؤمنين.
{إذ قالوا لقومهم} يعني من الكفار.
{إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله} فتبرؤوا منهم فهلا تبرأت أنت يا حاطب من كفار أهل مكة ولم تفعل ما فعلته من مكاتبتهم وإعلامهم.
ثم قال: {كفرنا بكم} يحتمل وجهين:
أحدهما: كفرنا بما آمنتم به من الأوثان.
الثاني: بأفعالكم وكذبنا بها.

{وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك} فيه وجهان:
أحدهما: تأسوا بإبراهيم في فعله واقتدوا به إلا في الاستغفار لأبيه فلا تقتدوا به فيه، قاله قتادة.
الثاني: معناه إلا إبراهيم فإنه استثنى أباه من قومه في الاستغفار له، حكاه الكلبي.
{ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} فيه تأويلان:
أحدهما: معناه لا تسلطهم علينا فيفتنونا، قاله ابن عباس.
الثاني: لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فنصير فتنة لهم فيقولوا لو كانوا على حق ما عذبوا، قاله مجاهد، وهذا من دعاء إبراهيم عليه السلام.


{عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة} فيهم قولان:
أحدهما: أهل مكة حين أسلموا عام الفتح فكانت هي المودة التي صارت بينهم وبين المسلمين، قاله ابن زيد.
الثاني: أنه إسلام أبي سفيان.
وفي مودته التي صارت منه قولان:
أحدهما: تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة بنت أبي سفيان فكانت هذه مودة بينه وبين أبي سفيان، قاله مقاتل.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل أبا سفيان على بعض اليمن فلما قبض رسول الله أقبل فلقي ذا الخمار مرتداً، فقاتله فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين، فكانت هذه المودة، قاله الزهيري.
{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين} الآية. فيهم أربعة أوجه:
أحدها: أن هذا في أول الأمر عند موادعة المشركين، ثم نسخ بالقتال، قاله ابن زيد.
الثاني: أنهم خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناف كان لهم عهد فأمر الله أن يبروهم بالوفاء، قاله مقاتل.
الثالث: أنهم النساء والصبيان لأنهم ممن لم يقاتل، فأذن الله تعالى ببرهم، حكاه بعض المفسرين.
الرابع: ما رواه عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن أبا بكر رضي الله عنه طلق امرأته قتيلة في الجاهلية وهي أم أسماء بنت أبي بكر، فقدمت عليهم في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، فأهدت إلى أسماء بنت أبي بكر قرطاً وأشياء، فكرهت أن تقبل منها حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فأنزل الله هذه الآية.
{وتقسطوا إليهم} فيه وجهان:
أحدهما: يعني وتعدلوا فيهم، قاله ابن حبان فلا تغلوا في مقاربتهم، ولا تسرفوا في مباعدتهم.
الثاني: معناه أن تعطوهم قسطاً من أموالكم، حكاه ابن عيسى.
ويحتمل ثالثاً: أنه الإنفاق على من وجبت نفقته منهم، ولا يكون اختلاف الدين مانعاً من استحقاقها.

1 | 2